قصيدة في رثاء الشهيد صلاح شحادة

بقلم سامر سكيك
يبدو أننا أمام موهبة راسخة استطاعت توظيف كل ملكاتها في هذه القصيدة بطريقة رائعة بدءا من التمكن من الوزن ومرورا بأدوات اللغة، وانتهاء بالحس الشعري المتأجج.

فقد وفق شاعرنا “عمار” في اختيار بحر الكامل ليناسب جو القصيدة الحزين، كيف لا وهو يقف موقف الراثي وفي قلبه الشفاف تختلط اللوعة والأسى على الشهيد بالثورة على المحتل الغاصب، حيث ألهمته قريحته المتقدة أن يختار القافية النونية التي تبعث في النفس شعورا خفيا بالحزن والأسى!!

استهل شاعرنا القصيدة بالحث على تحية هذا الأسد المغوار، وذكر بعضا من محاسنه ومزاياه، وهذا أمر متعارف عليه في فن الرثاء.. وقد ذكرني بقصيدة لخليل مطران نظمها لرثاء مصطفى كامل عندما أنشد على نفس البحر قائلا:

أعلى مكانتك الإله وشرفا

فانعم بطيب جواره يا مصطفى

اليوم فزت بأجر ما أسلفته

خيرا وكل واجد ما أسلفا

وجزيت عن فاني الخلود بخالدٍ

ومن الأسى الماضي بمقتبل الصفا

لقد استطاع شاعرنا توظيف لغته أيما توظيف، واختار ما يناسب جو النص الثوري في آن واحد، حيث نجده وفق في استخدام الكلمات المشرقة: “الهزبر، تضرم، زمجري، البركان، صهوات… إلخ”، واستطاع أن يترك بصمة الحزن في أماكن متفرقة من القصيدة عندما استخدم الكلمات: “الدمع، تمرغت، خضبت، الأشجان، أكفاني… إلخ”، وبرع في توظيف الأساليب الإنشائية والتصوير في مواضع كثيرة من قصيدته، حيث استخدم التضاد بشكل موفق في توضيح فكرته عندما قال: “ذل الشريف وساد فيه الجاني”، والاستعارة في قوله: “فتمرغت في حمأة الإذعان”، وأيضا في قوله: “خضبت أصقاعنا”، والتشبيه في قوله: “قد كنت ليلا مثقلا بهمومه”.

ولكني لا أوافقه عندما استخدم كلمة القنابل ذات الإيحاء الصاخب في قوله: “زهر القنابل في ربا الأوطان”، حيث إنها جاءت مناقضة للإيحاء الهادئ في كلمتي “زهر، ربا” ما يخلق لدى القارئ شعورا بالحيرة في استشفاف صورة جميلة تدعم عمق التصوير في النص.

وظني أن الشاعر مطلع بصورة جيدة على علم العروض، وتمكنه من البحر الذي يعزف على أوتاره جيد.

إلا أنه كانت هناك غفلة عن الوزن في قوله في نهاية القصيدة: “الفردوس أجمل موضع ومكان”.

ولكن هذه الملاحظات البسيطة لا تقلل من شأن الشاعر أو تنال من قصيدته، فنحن بالفعل أمام موهبة تستحق الإشادة والتشجيع، وما ذكرناه من ملاحظات كان هدفنا منه أن ندرأ عن هذا النص الجميل الصادق أي خلل من شأنه أن يخفت الألق الذي ينبعث من حروف القصيدة.. وأقول لشاعرنا: استمر في مراسلاتنا، وأطلعنا على كل جديد والله معك.
 
قصيدة في رثاء الشهيد صلاح شحادة
 
15/08/2002
 عمار الخطيب- 23 عاما – سوريا
 

 
 
 حي الهزْبرَ وسيد الشجعان

وحفيد حمزة فارس الفرسان

حي الشهيد الحيّ أشرق نوره

ودم البطولة فاح كالريحان

ماذا أقول وفي الفؤاد تضرّمٌ

والعين تُجْري الدمع كالطوفان

ماذا أقول وإننا في عالم

ذلّ الشريف وساد فيه الجاني

داس اليهود على كرامة أمتي

فتمرّغت في حمأة الإذعان

حكامنا قد سلّموا لعدونا

واستبدلوا التلمود بالقرآن

…………………………..

     الله أكبر يا كتائب زمجري

ولتحرقي صهيون بالنيران

ولتثأري لدم الشهيد وتُنْبتي

زهر القنابل في ربا الأوطان

هذي الجريمة خضّبتْ أصقاعنا

والقدس تصرخُ من لظى الأشجان

والأرض كل الأرض تبكي ابنها

تحكي لنا عن ليثها الخَفّان

قد كنتَ ليلا مثقلا بهمومه

تدنو فتحْطمُ أضلع العدوان

قد كنت نورا للبلاد وفجرها

يُهدي عبير النصر للإخوان

قد كنتَ يا روح الكتائب ثورة

تُصلي العدو قذائف البركان

وصدحتَ حين ركبتَ صهوات الفدا

إني أتيتُ فجهزوا أكفاني

فرزقتَ إحدى الحسنيين شهادة

واليوم فزتَ بجنة الرحمن

فاهنأ بصحبة أحمدٍ والملتقى

الفردوس أجمل موضع ومكان

المصدر:

http://www.islamonline.net/Arabic/mawahb/2002/poems/08/Article05.shtml

3 أفكار عن “قصيدة في رثاء الشهيد صلاح شحادة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top