موقف العلماء من تفجيرات أمريكا

حالة من التخبط الفكري تعتري كل إنسان مسلم في هذه الدنيا..
عقول الناس أصبحت مثل كرات قدم تتقاذفها تصريحات العلماء -مع تحفظي على كلمة علماء- المتباينة إلى أبعد درجة إزاء ما حدث في أمريكا..
لقد كنت مستاءا للغاية من تصريحات الكثير من خطباء المساجد الذين رأوا في تفجيرات أمريكا فتحا مبينا، ونصرا مشرفا ومؤزرا للمسلمين، وأيدوها بخطب عصماء مشحونة بالعاطفة والحمية و التي باتت كغشاوة على عيونهم..

أعمتهم عن حقيقة الإسلام وكل ما أتى به من تشريعات.
بأي منطق أفتى أولئك؟ هل بمنطق عاملوهم بالمثل أو عاقبوهم بمثل ما عوقبتم به..أم بمنطق الحمية والثأرالأعمى؟
مليون طفل عراقي قتل..نعم..آلاف الجرحى والشهداء في فلسطين..نعم..إفساد في الأرض و تجويع للشعوب..نعم!! و يسترسل القلم..
إن النافذة التي نظر منها خطباؤنا هي هذه النافذة فقط..أننا نحن المسلمين نقتل و نشرد وتهدم بيوتنا و تجوع شعوبنا من قبل أمريكا بصورة مباشرة أو غير مباشرة..ولهذا نحن نؤيد و ندعم مثل هذه العمليات التي تأتي انتقاما

لدماء سفكت وأعراض انتهكت و بيوت دمرت..
الله أكبر!!
هل هذه هي شمولية الإسلام وسماحته؟
هل هذا هو ما علمنا الإسلام من مبادئ وقيم إنسانية؟
يا هذا الذي تقول ذلك؟ هل يعني أن نعامل عدونا بالمثل أن نفعل مثلما يفعل؟ نحرق الشجر و نهتك العرض و نقتل الرضيع ونبقر بطون الحوامل؟ هل هذا مبدأ عاملوهم بالمثل الذي أراده لنا الإسلام؟
ولا تكف صفاقة المستشيخين عن ذلك بل تمتد إلى تكفير المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، والعوام تصفق جزلا لهذه الخطب الحماسية التي تشبع العاطفة المتأججة جراء ما يحدث في أفغانستان وفلسطين، وهذا ما حدث في إحدى الندوات الإسلامية التي كانت تناقش موقف الإسلام من التفجيرات التي أطاحت بالغطرسة الأمريكية..و لم يعجب أحد من الحاضرين قولي حينما قلت أن لفظة “ترهبون به عدو الله وعدوكم” لا تعني إطلاقا أن تؤخذ الكلمة على علاتها..بل هي مقيدة بتعاليم و قيم ومبادئ سمحة رسخها هذا الدين بهدف الدعوة إليه لا التنفير منه..وحينما قلت لضيف الندوة يا سيدي هب أن أحد النصارى أراد الدخول في الإسلام قبل ما حدث في امريكا..هل يقبل على الإسلام بعد أن يعلم أن ما حدث بفعل مسلمين سواء صح الزعم أم لا يصح..الإعلام الماسوني لا يقصر بالتأكيد في ذلك..و فوجئت برده أن الغرب أصبح الآن يخشى الإسلام و يسعى إلى الاستفسار عن هذا الدين المهيب الذي زلزل القطب الواحد، و.. و..، وتناسى -أعانه الله- أن الغالبية العظمى من هؤلاء إن لم يكن كلهم قد بحثوا أيضا عن سلمان رشدي بعد أن أطلق الخميني دعوة بقتله..
نحن متعاطفون جدا مع ما يحدث في أفغانستان وبغضنا لأمريكا لا حد له..و لكن الغاية لا تبرر الوسيلة في مفهومنا الإسلامي..لا تبررها بأي شكل كان..وربما تكون هذه آخر صرخة نطلقها ولو عبثا في آذان متحجرة ومتشددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top