يتعرض الشعب الفلسطيني إلى ابتزازات وضغوط عربية ودولية كبيرة بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية لعام 2006، وذلك لإجبار الحركة الفتية على تغيير أيدولوجياتها والدخول في متاهة الواقعية التي أصبحت شماعة الانهزامية لدى العرب والعجم.
ورغم أن هذا الأمر يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه حركة حماس حاليا، والتي سيتم اختبار مصداقيتها من قبل العالم الإسلامي كله الذي يرى فيها رمزا مثاليا للنضال في أبهى صوره، ويعقد عليها الآمال الكبيرة لتحرير الأرض المسلوبة وإعادة الحق لأصحابه؛ رغم هذا إلا أن المتابع لتصريحات قادة الحركة يدرك أن حماس لن تسلم بالأمر الواقع إطلاقا، وستبقى على موقفها وإن كانت ضرورات العمل السياسي تحتم عليها إبداء المرونة بشكل حذر.
إن المساعدات الخارجية التي يتم التلويح بإيقافها لا تشكل أي عقبة، وذلك لأن الطريقة المتوقعة لإدارة الأموال الشحيحة الواردة ستكون نزيهة للغاية، دون أيد فاسدة ملوثة تسلب حقوق الشعب وتصادر لحسابها أكثر من ثلثي أموال المعونات كما كان الحال سابقا، ولذلك فإن على حماس أن ترتب أوراقها جيدا، وتعتمد الرقابة والتقييم على كافة المؤسسات والدوائر الحكومية للوقوف على إنتاج الموظفين والتزامهم بأوقات الدوام، ونزاهة المدراء في شتى الميادين.
ويبدو أن استجداء الحركة للعرب في طلب المساعدات كبديل أمثل عن الغرب لم يكن له الصدى المطلوب إلا من قبل السعودية التي ضربت على صدرها بكل شهامة نجدة للشعب الطامح، والذي يعاقب على ديمقراطيته رغم أن الغرب أنفسهم الذين نادوا بها في السابق وشددوا عليها وعلى إجراء الانتخابات دون تأجيل. ولذلك تبقى المخاوف قائمة من انسحاب يد الدعم العربي أيضا تاركة الفلسطينيين يجدفون في قاربهم المتهالك وسط بحر متلاطم، وبذلك تكون حلقة الضغوط قد اكتملت، مما سينعكس سلبيا على أداء الحركة سياسيا واقتصاديا، فتضعف شوكتها أمام فتح، مما يمهد لعودة السلطة من جديد لثلة الفساد، وهذا ما يهدف له المتربصون.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا على الساحة؟ هل ستصمد حماس أمام هذه الضغوط أم تستجيب لها وتعترف بالكيان الصهيوني وتكتفي بالعمل السياسي فقط؟ وكيف سينظر لها المجاهدون والمتحمسون لاستيراتيجية حماس في الداخل والخارج إذا ما تراجعت عن مواقفها الثابتة؟
لو كنت أحد قادة الحركة، لخرجت من المأزق الكبير وقمت بالدعوة إلى استفتاء عام لكافة أطياف الشعب ليقرر فيما إذا كان يؤيد الاعتراف بإسرائيل ويختار العمل السياسي دون العسكري أم لا؟ وبذلك لن يلومها أحد في أي قرار يتم اتخاذه لأنه سيكون قرارا شعبيا، وبذلك تحفظ الحركة ماء وجهها، فمن صوت لحماس في الانتخابات لم يكن بالضرورة مؤيدا لفكرة تدمير إسرائيل، وإنما كان يريد اجتثاث الفساد على يد حماس.
كما يجب على الحركة أن تتبنى موقفا واحدا تجاه اسرائيل وهو وقف العمل المسلح بشكل قاطع إلا إذا قامت اسرائيل بتنفيذ أي اعتداء من أي نوع على الفلسطينيين، ولا بد أن تروج الحركة لهذا الموقف بشكل جيد من خلال وسائل الإعلام المختلفة ليصبح الموقف معروفا أمام العالم أجمع، وبذلك لن يكون هناك أي لوم على الحركة في حال لجأت إلى الخيار العسكري.
ولكن أمام الحركة تحديا كبيرا يتمثل في انضواء أجهزة الأمن الفتحاوية تحت جناحها، واستجابة الفصائل الأخرى لدعوات حماس بالتهدئة والوحدة الوطنية، وإذا لم يتم اجتياز هذه العقبة، فلن تستطيع حماس قيادة هذا الشعب وفقا لسياسة صريحة واستيراتيجية واضحة.
بداية أود شاكرة جزيلا لكاتب هذا المقال القيم بصراحة ،وأود أن أشير هنا أنه باعتقادي الشخصي أنا كفتاة فلسطينية أقطن في قطاع غزة(الشمال) ،إلا أنه حتى لو قامت حركة حماس بعمل استفتاء لدى كافة أفراد الشعب الفلسطيني عن إمكانية الإعتراف بالكيان الصهيوني فهذا العمل ليس بالهين قط البتة ، وأمر يحتاج للخوض في العديد من العراقيل والتحديات اوالتي قد يصعب تجاوزها بسهولة، وحتى لو تم ذلك فليس معنى أن الأغلبية العظمى _على سبيل الافتراض_ رضوا بالإعتراف بإسرائيل ،أن الفئة الأخرى (الأقلية) التى أبت ذلك قطعا ستجلس مسلمة الأمر كيفما يشاء..،لا بل ستتهم حماس من قبل هذه الفئة بالخيانة وغير ذلك العديد من الاتهامات القاسية للغاية ضدحركة جليلة كحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ،ومن ثم أيا كانت التحديات والعراقيل فأنا لا أعتقد أبد الأبد أن حركة حماس تقبل بذلك أيا كانت التحديات والنتائج والخيارات ،كيف لا وهي حركة ( إسلامية) في سياستها ونهجها وقواعدها وفكرها وخياراتها ومنطقها الذي ترعرعت على أساسه….؟!!!!
[Reply]