هل تنتصر المقاومة سياسيا؟

لا شك أن الكيان الصهيوني قد فشل عسكريا في تحقيق أي من أهدافه المعلنة من خلال العدوان البربري على غزة، وهو أمر قد ينكره البعض في الوقت الحاضر، كما تم إنكاره خلال حرب تموز في لبنان 2006، والذي سرعان ما سقطت ورقة التوت عنه لتكشف عن هزيمة أخرى لحقت بالجيش الصهيوني المريض.  

ولست بصدد الخوض في هذا الجدال المحسوم، فضراوة واحترافية المقاومة لم تدهش الاحتلال فقط بل الفلسطينيين أنفسهم، وإن كان التعتيم الإعلامي الصهيوني قد قلل من نشوة الانتصار والتشفي، إلا أن ثقة الناس بإعلام المقاومة والمعركة على الأرض كانت كفيلة ببث الثقة في حسن أدائها واليقين بوقوع الخسائر الباهظة في صفوف المعتدين وتلقينهم درسا آخر في فنون المعارك البرية..

 

ولقد كان العدو ماكرا إلى حد كبير عندما أعلن وقفا لإطلاق النار من جانب واحد، كخطوة أولى نحو تحقيق نصر سياسي بعد فشله عسكريا، حيث هدف بذلك إلى امتصاص غضبة الرأي العام العالمي، والظهور مجددا بموقف المدافع المستكين بدلا من المهاجم المجنون كما كان طوال الثلاثة أسابيع الماضية من جحيمه الذي لم تشاهده  الشياطين في أحلامها..وهذا الأمر لن يكون صعبا في ظل توفر إمكانياتها الإعلامية هائلة.

 

وإزاء هذا المكر السياسي، فلا بد أن تعيد المقاومة حساباتها السياسية، وتتدارك أخطاء الماضي، ولنتكلم بصراحة أكبر هنا..فقد أخطأت حماس مرتين بصفتها قائدة فصائل المقاومة في غزة خلال هذه الحرب..الأولى عندما استبقت الرد الإسرائيلي على قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار الفوري، وأعلنت رفضها الكامل له، مما منح الاحتلال مسوغا مجانيا لاستمرار عدوانه، وكان الأجدى هو الاستجابة المشروطة لقرار وقف إطلاق النار، بحيث ينسحب المحتل ويرفع الحصار في مدة محددة. وإن لم يتحقق ذلك، تستأنف المقاومة نشاطاتها..

 

أما الخطأ الثاني، فهو تعامل حماس مع المبادرة المصرية والذي افتقر للحنكة السياسية، وذلك بالإصرار على بنود ثانوية لا يمكن الاتفاق عليها بشكل فوري،  مثل رفع الحصار الفوري والاشتراك في إدارة معبر رفح، وهي أمور هامة ولكن ليست أهم  من الحاجة الفورية لوقف العدوان وشلال الدم المتدفق في غزة..وكان من الأجدر من وجهة نظري أن تعلن حماس موافقتها المشروطة للمبادرة بمنح الاحتلال والمجتمع الدولي مهلة زمنية قصيرة ومحددة للعمل على إنهاء العدوان وفك الحصار خلال مدة أقصاها أسبوع من إعلان وقف إطلاق النار على اقل تقدير..

 

 

وكل ما أخشاه حاليا أن تفتقر حماس للمناورة السياسية مر أخرى، وتسيء التعامل مع القرار الصهيوني بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وقد بدأت ملامح هذا الأمر بالتشكل مع انطلاق الصواريخ الفلسطينية الرادعة من جديد دون اتخاذ موقف سياسي معلن ومتزن وصارم  من شأنه  الحفاظ على الدعم والتأييد الدوليين الذين تحققا للقضية الفلسطينية خلال الحرب..

 

وهنا أقول، أنه يجب على حماس توحيد المواقف السياسية للناطقين باسمها، والذين كثيرا ما يناقضون بعضهم البعض في تصريحاتهم،  مما يقلل من كفاءة العمل السياسي لديها، والتصريح رسميا بأنها ستمهل العدو أسبوعا واحدا للانسحاب من الأراضي الفلسطينية، وأسبوعا آخر للمجتمع الدولي والأطراف الوسيطة للعمل على فك الحصار، وقد تختلف المدة حسب تقديرات الأطراف المعنية وإلا فلا خيار لديها إلا خيار المقاومة وعودة الصواريخ لتقض مضاجع الصهاينة..

 

بحدوث ذلك، ستفوت حماس الفرصة على العدو لتحقيق أي مكسب سياسي، وسيبقى الرأي العام العالمي مع الفلسطينيين مؤيدا للمقاومة حتى إنهاء الحصار وهو السبب الرئيسي الذي اندلعت الحرب على إثره..

 

كما ينبغي على الفصائل الفلسطينية المتناحرة الآن وقبل أي وقت مضى المصالحة من جديد، والعمل على تشكيل حكومة طوارئ مؤقتة من المستقلين، وذلك لتمهيد الطريق أمام برامج إعادة الإعمار وتسهيل دخول الدعم المادي دون عوائق، وتولي إدارة معبر رفح والإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية في وقت لاحق.

 وسيكون من الغباء ألا يبادر الفلسطينيون للمصالحة وإنهاء الخلافات  بعد أن نسي أو تناسى المواطن الفلسطين حالة الانقسام المخزية ومن خلفه  العرب وبقية دول العالم، وربما كان هذا من أكبر المكاسب التي تحققت للفلسطينيين بسبب الحرب.  

3 أفكار عن “هل تنتصر المقاومة سياسيا؟”

  1. بعد التحية
    يتضح من لهجة كتابتك في هذا المقال مدى غيرتك على وطنك وابناء شعبك ، ولكن …
    ليس معنى ان الرجال في غزة يتعرضون كل يوم الى اقسى انواع الممارسات التي تحتاج الى رجال اقوياء صناديد ، وقد اثبتوا انهم اهل لذلك أنهم أنقياء فنحن مثل جميع البشر نمتلك قلوبا وهذة القلوب تحمل الكره والحقد كما تحمل الحب والوئام ولولا ان اسرائيل متأكدة متأكدة من أن طرفي الوطن لن يعودا الى بعضهما لما قامت بضرب ” الابرياء والاطفال والشيوخ والمؤسسات الدولية ” على مسمع ومرءى من العالم اجمع وتتيح للفلسطينين ان ينتزعوا منها تعاطف المجتمع أو على الاقل الرأي الدولي منها ز
    فنحن لسنا بأبرياء ولا أنقياء

    [Reply]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top