في بيداءِ المنامِ تأوهاتٌ جائرةْ
تلملمُ ذراتِ يأسٍ حارقةْ
تكنسُها المنى لتَحُدَّ من أوجاعِها
وتدنو من إبطِ السَّماءِ سحابةٌ
تلملمُ الشظايا المتناثرة
وتغربلُ تهكُّماتِ السراب
تعترضُها هاماتُ الكثبان
والسحابةُ لم تذهب!
باقيةٌ على رُؤوسِ طيورٍ عطشى
تداري صحنَ الشَّمسِ
وتنثرُ لُعابَها خِلْسةً
فتنتفضُ الرمالُ انتعاشاً
وتنبَعِجُ هاماتُ الكثبان
وتذهبُ السحابة
ولا تعودُ
إلا مرةً كُلَّ أيلول
وتتلاشى الصورةُ
ويتسلَّلُ بعفويةٍ
شتاءٌ عليلٌ
على رأسهِ عَمامةٌ رماديةٌ
توشكُ على البكاءِ
تقضمُ وجهَ الشمسِ
رويداً
رويداً
لم يبقَ إلا أنفاسُها الحارَّةُ
أَحْدَثَتْ في العمامةِ
فعلا خريرُ بكائِها
زاحمَ الثَّرى
أجهضَ الحركة
فلا مكانَ يَصلُحُ لِخُفٍّ تائـهْ
و كأنه الحدادُ
مبتلٌ بالسوادِ
لا يجفُّ
حتى و لو رحلَ الشتاء
و إن رحل
يصطبغ الثرى بخضرةٍ خريفية
وتُزهر أشواكٌ وردية
تلمع كأنها أسِنَّةُ رماحٍ هزليَّة
تستقطبُ صومَ البهائمِ
وأنَّاتِ النَّحلِ الموسميَّة
وعبثاً تتداعى الترانيمُ
لتَحُدَّ من حشرَجةِ الطيورِ
على أكتاف الرُّبا الصفراءِ
تسترسِلُ نَفَحاتِها
بعيداً عن تقاعسِ الزُّهورِ الناعسةِ
و غيبوبةِ اللوتسِ
والشَّجرِ العاري
ودوماً على النقيضِ
رُغْم هذا و ذاكَ
تبقى شجرةُ زيتونْ
منهكةً صفراء
على كتفها حمامةٌ بيضاء
تنتظرُ بنفادِ صبرٍ
ربيعاً عجزت عن وصفه الأحلامْ
ربيعاً قد يُرى في عيون الأيامى و الأيتامْ
وما انفكَّت تنتظر!!