قصيدة ثلاثون عاما للشاعر أحمد بخيت

ثلاثون عاما تمر الظباء
بطاءً سراعًا سراعًا بطاءْ
تسابق في ركضها الشاعريِّ
ثلاثين “إلياذةٍ” من دماء
ثلاثون عامًا وفي القلب وهم
ٌ وفي الغيب سهم وفي النبع ماء
سينهمر المسك يا صاحبي
فقل للينابيع: إن الظباءْ…
ستركض حتى فناء الشهود
ونركض حتى شهود الفناء
وقفنا لنضبط أنفاسنا
فهرولتِ الأرض تحت الحذاء
لقد نضجَت نار طبَّاخهم
ولن يحضر الطيبون العشاء
يُخيَّل لي أن أختي “الحياةَ”
تتبِّل بالسمِّ هذا الشواء
تذكرت، سرنا معًا ذات “شعرٍ”
فقيرَين مهنتنا الكبرياء
على بعد “موتين” من ذاتنا
على بعد “عمرين” ممَّا نشاء
بعيدَين عن أمنا يا ابن أمي
نشمِّس أيامنا في العراء!!
نُرَاعُ إذا مرَّ ذئب النُّعاسِ
ونُنْشِبُ أظفارَنا في الهواء
ولاَ نجمةٌ في سما الآخرين
تسامرُنا في ليالي الشتاء
كعادتِنا لا نُطيل الوداع
لنشعر أنَّا نُطيلُ اللقاء
تَنَاجَى الغريبانِ: – كيف العراق؟
عَصِيٌّ على الموتِ والإنحناء
مَدِين بحصَّته في العذاب
وقد يُحسِن المستدين الوفاء
من الصخر يطحن بعض الدقيق
ويصنع من غيمتين الحساء
ويسقي الصغار حليب “النجوم”
يطبِّبهم بحبوب “الدعاء”
على نغمات سقوط القنابـل
يضبط إيقاعه في الغناء
ويرفع عن قاتليه الغِطاء
ويشعل “فانوس” آلامه
صرختُ به: هل تركتَ العراق؟
فجرَّ حقيبته في حياء
معي في الحقيبة قبضةُ طين
وشتلة نخل ونهرُ بكاء
سأزرع في كل شبرٍ عراقًا
يرحِّب بالأهل والأصدقاء!!
سيتَّسع الجرح يا صاحبي
إلى أن يضيق عليه الفضاء
لقد بدأ العرس، هيِّئ دماءكَ
وادخل مَهِيبًا إلى كربلاء
بعيدٌ هو الماء فاكسر إناءَكَ
كي تتكلم فيك السماء
على عتبات السَّنا شُفتَني
وناولتَني خرقة الأولياء
– لنا خطوة البدء يا صاحبي
وليس لنا خطوة الإنتهاء
تـمتَّع بأول نجمة صبح
بأول شمسٍ تزور المساء
بلسعة أولِ موجة بحرٍ
بأول تنهيدة للنساء
بأول صوت يقول: بلادي
فيشعر أن التراب استضاء
بأول عاصفةٍ من حنين
على راحل في مهب الشقاء
بأول جائزة لم تنَلْها
لكي تتعلَّمَ درسَ العطاء
بأول جرعة حُرِّيَّةٍ
نفوز بها ميِّتِين، ظِمَاء!!
ثلاثون… لا، لن أعُدَّ الظباء
ولن أسأل السهم من أين جاء
-لنا الخوفُ -نام “الخطا” مطمئنًّا
-لنا الليل -للمُظْلِمين الضياء
– لنا الموتُ – غرفة نومِ الملوك
-بلا حرس وطبيبٍ ودَاء
نخلِّد في أشرف الأمَّهات
بياضَ الرُّؤَى في سواد الرِّدَاء
نعطِّر شَيبةَ آبائنا
بما سال من عَرَقِ الأنبياء
هنيئًا لِمَن علَّموا الأبجديَّــةَ
كيف تُضيفُ إلى الحاءِ باء

14 فكرة عن “قصيدة ثلاثون عاما للشاعر أحمد بخيت”

  1. خطأ شائع في عنوان القصيدة .. الاسم الحقيقي للقصيدة (كأنك العراق) .. وليس (ثلاثون عاما) كما يعتقد الكثيرون .. شكرا

    [Reply]

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ::

    تنحني الكلمات احتراما وتوقيرا لك يا أشعر شعراء هاذا الزمان

    والله لست كفء لمدح كبير مثلك يا بخيت يعجز لساني وأتلعثم كأني صبي وأقف مذهولا بعد قراءة كلماتك التي ليست أبدا كالكلمات وكأنك تصنع كلاما آخر يفطر الوجدان

    أخي أستاذي : لك كل الشكر مني والإحترام والتقدير

    أخوك عبد الحليم من الجزائر يزف أرقى عبارات وعبرات الشوق لكم فطبتم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    [Reply]

  3. السلام عليكم
    رغم ضغر سني الا اني اهتم كثيرا بشعر احمد بخيت من مصر ، كلماته تخترق كل الحواجز
    ارجو ان اكون مثله في المستقبل لاني ارى فيه محمود درويش و نزار قباني معا
    اللهم وفقنا الى ما تحب و ترضى

    [Reply]

  4. ما أبدعك من عملاق لامست كلماتك أوتار القلب النائم، وكأنه لا أرض تستباح ولا دم يثار ، ما أحسن ما نسجت يداك لقد بدأ العرس هيئ دمائك ، فالناظر من بعيد يرى القوم في هول وفزع لكنهم كما يصور الشاعر تعودوا الألم والشدة حتى انقلبت أعراسا وطقوسا تقام، نغمات القنابل كألة العزف أو طبل الطبال… ، وأحيي فيك أيها المغوار أسلوبك الراقي في الخطاب كل كلمة تخرج من فيك تسري في جسدك كله بقوة الثورة لتخترق القلوب بلا استئذان أنت فعلا أمير وتستحق الإمارة فسر رافعا رأسك إلى السماء وضع نصب عينيك قولة ناقد بلدك الرائع: ٍالشاعر بطبيعته متمرد، وإذا رضى عنه مجتمعه كسر شوكة تمرده، وإذا هو ثار على مجتمعه.. أبدع وتفوق عليه، لأن الإبداع فيها يعتمد على المواهب الفردية والطاقة الشخصية، ولا يحتاج إلى مؤسسات.
    إياك والركون والنوم والكسل الإبداع الإبداع وما قدمت يداك واقبل مني كل التحية والتقدير

    [Reply]

  5. مع أني جديد على عالم الشعر ولم أستطع أن افهم كل ما قاله الشاعر في هذه القصيده ولكنها لمست أعماقي بتلك الأنسيابسه الرائعه وتلك الكلمات الجميله وكذلك الصور شكرا للشاعر الكبير أحمد بخيت

    [Reply]

  6. بسم الله الرحمن الرحيم

    الصلاة والسلام على رسول الله

    السلام عليكم احبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    اقول وعين القلب تذرف شهد الافتتان

    بك بخيت تجمع قلب شاعر ويد مالك الصولجان

    رفعت هام يراعك لتواكب العلا بكل بيان

    فدفعت لك الحروف من الموائس الحور الحسان

    فكتبت واجدت الرسم يا ابرع من فنان

    لك الله في شهدك الغدوق يا فطحل ذات الافنان

    جزاكم الله خيرا ووالله الحروف تعجز عن الكلام عن شاعرية استاذنا الكبير احمد بخيت

    [Reply]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top