لحظة صدق في غزة

في غزَّةَ أقفاصُ ديوكٍ صفراءَ وخضرا
إن تُطلقْ نحو الحريةِ
تصرع بعضا
وإذا ما تُرِكت، تدميها بومٌ
فتُمـزَّقْ
والناس الحيرى لا تدري
من ألغى الآخرْ
من أطلقَ فيهم دجالا
أودى بوقارِ مليكَتِهم
سِيَّانِ اخترتَ النارَ أو الجنَّةَ
تهلكْ
* * *
في لحظةِ صدقٍ واحدةٍ
يقفُ الجنديٌّ أمام القتلى
لم يبقَ مكانٌ للآخر
لم يبق مكانْ
والشر يحومُ على الحاراتِ
فتنتحبُ
وعلى الشُّرْفَاتِ أراملُ
تصطكُّ بوحشتِها
والتلفازُ يشقُّ طريقا نحو المقتْ
* * *
في لحظةِ صدقٍ واحدةٍ
يتعرى الجنديُّ وينكمشُ
ويسارعُ باللغْوِ
يداري سوأتـَهُ
ينسَلُّ عن الذاتِ
ويروي بلسانِ الشاهِ جدارتــَهُ
لكنَّ حماقتـَهُ
عنوانٌ للصحفِ الكبرى..
* * *
في لحظةِ صدقٍ واحدةٍ
قد ينصاعُ لذاكرتِه
كان يرابطُ تحت القصفْ
يقنصُ عفريتاً
ويغني للمجدِ القادمْ
وأخوهُ على ثغرٍ ثانٍ
يحلم مثله بالقادمْ
لكنَّ الذكرى لا تلدُ المجدَ
بل الآخرْ
* * *
في لحظةِ صدقٍ واحدةٍ
قد يسألُ نفسهُ مذعورا
أتراكَ عَقِلتَ وقلتَ:
ضللتُ وعدت
أترى أيَقَنْتَ بأن أخاك
أخٌ لك أنتْ
وبأن عدوَّكَ لن يخشاكْ
ما دمتَ وحيداً
دون سواكْ..
وأخوكَ بعيدا
ما زال هناكْ
* * *
في لحظةِ صدقٍ واحدةٍ
قد تذهبُ للمسجدِ ليلاً
وهناك ستبكي
لا تلعنْ نفسكْ
بل صلِّ وسلم
وتنسَّك
واعقَل
وتوكل
واذهب لأخيكَ
وقل أنَا منكْ
وزُرِ البحرَ العابسَ
منذ الشرْخِ
تجدْه تبسَّمْ

17 فكرة عن “لحظة صدق في غزة”

  1. تحية تقديري
    سأقول فقط إنني قرأت النص حتى النهاية..
    وإذا وصل قارئ عادي مثلي إلى نهاية النص فهو يعني أن النص جذبه وتمسك به وما ذاك إلا لعذوبة ألفاظه وجمال صوره وتعبيره ولن أدخل في العروض لأنني لست شاعراً.. فقط أزعم انني أتذوق روائع الشعر!!
    إلى الأمام..

    [Reply]

  2. حدريوي مصطفى

    شدو جميل وشجي وبين الأكتافات ذرر عذبة التمطق بليغة البيان وضاربة وغائلة في الحكمة ولبيب الإشارة الهادفة…
    بعد حين واخر سآتي لأرتوي من هذا النبع وأعب من زلاله…واغسل بنقائه حنايا
    تحياتي وفائق احترامي وتقديري…سيدي

    [Reply]

  3. عزيزي سامر

    بكل سرور ومحبة، تجولة في موقعكم الشخصي الجميل بكم وبمواضيعه المتميزة بحب الوطن والجمال والسلام والمحبة

    أمنياتي المخلصة لكم بدوام النجاح والموفقية

    رعاكم الرب

    [Reply]

  4. حروف فريدة

    وتختلف في طريقة إيحاءها عن أي

    سامر

    يابن بلدي

    أقدم لك تحيتي

    وأفتخر بأنك هنا

    وأنك وأنني فلسطينيان

    ………..

    [Reply]

  5. خضر أبو إسماعيل

    الأخ العزيز الأستاذ سامر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي لقد سُعِدتُ لأني عانقت قصيدتك الرائعة لقد دخلتَ بها إلى أعماق النفس البشرية
    حيث يقف أمام نفسه في لحظة صدق ويحاسب نفسه ويعطي لنفسه الحكم سواء أكان لصالحه أم عكس ذلك ولكنه لابد من وقوفه أمام نفسه0
    وهنا لابد أن أعزيك وأعزي نفسي وأعزي شعوب الأمة العربية الأباة بشهداء غزة الأبطال الذين سطروا ملاحم الشرف والبطولة والعزة والكرامة فهؤلاء العظماء لم يشهد التاريخ لهم مثالاً إلا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بايعوا بيعة الرضوان 0
    بارك الله بك ودمت شاعراً متألقاً
    لك مني تحياتي واحترامي ومحبتي
    خضر

    [Reply]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top