طالعتنا مجلة دبي الثقافية في عدد يونيو بمقالة بسيطة لكاتبها الدكتور عبد العزيز المقالح المنضم إليها حديثا، وكانت تتناول موضوع الكتابة والأسئلة الثالوثية المطروحة منذ خُلق القلم لماذا وماذا ولمن نكتب؟ولست هنا بصدد تناول ما جاء في مقالته التي لم تأتِ بجديد حول قضية الكتابة، وإنما أود أن أركز على عملية ممارسة الكتابة كنشاط فكري له دوافع سيكولوجية متنوعة.
إن المتأمل في أي نص أدبي يستطيع أن يستنبط من خلال موضوع النص وأسلوبه مدى ممارسة صاحب النص للكتابة كترف فكري خالص لا تتبنى فكرة راشدة، أو تتلمس واقع العوام والهم المجتمعي اليومي.
واللافت حقا أن أمثال هذه النصوص أصبح لها الكلمة العليا في زماننا ربما لأن الكثيرين ضاقوا ذرعا بالنصوص التي تتناول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والصراع العربي الصهيوني ومشاكل المجتمع، ورأوا في التجنيح بعيدا عن كل هذه المنغصات خيارا أيسر، ومهربا مؤقتا من الأرق والقلق، وهي بذلك لا تختلف كثيرا عن جلسات تخزين القات وجلسات الشيشة الصاخبة التي لها نفس الدافع.
والأمر في ذلك مناصفة بين الكاتب المترف الذي يغرد خارج الهم والمتلقي الذي يفتح ذراعيه لهذه المسكنات لانتشاله من مشاكله، وبذلك قد تجد تفسيرا للسر الكامن خلف رواج الكتابات المترفة التي تسهب في الحديث بأسلوب شيق مبدع عن رحلة الموجة في لجة البحر، أو عن دلالات سكون منفضدة السجائر على مائدة الطعام، أو عن تفاصيل العلاقة العاطفية بين فلان وفلانة من الأدباء المتوفيين قبل قرون، وذلك على أي شكل من أشكال الكتابة سردا كان أو شعرا..
ولست هنا أترحم على حال القارئ العربي الذي يطبل لكل إبداع بغض النظر عن موضوع هذا الإبداع ومدى مقاربته لشغل الشارع الشاغل، وتفاعله مع الواقع، ولكني أعتب كثيرا على القائمين على دور النشر والصحف والمجلات المعنية بالحراك الثقافي، نظرا لتبنيهم الدائم لمثل هذه النصوص وإعلائها على نقيضاتها ومنحها الأولوية في النشر وتصدر الصفحات، متجاهلين تبعات ذلك على المدى الطويل على أجيال بأكملها تصطدم بهذا الخواء.
وقد تكون ممارسة الكتابة كترف فكري نسبية لدى الكاتب، فتارة تجده منفعلا يكتب بكل جدية وحماسة عن هموم مجتمعه، ويتفاعل مع الأحداث المتفجرة في فلسطين والعراق، وتارة يتقوقع على نفسه لممارسة الكتابة التأملية والتجريب في تشكيل الحروف ورص الكلمات للخروج بصور مبتكرة مدهشة ترضي غرور موهبته، وهو على تلك الحالة المتبدلة لا يلام كونه يمارس حياته كإنسان سويّ له صولات و نزوات مع نفسه ومع سواها، وهو لا يختلف بذلك عن آلاف الكتاب والأدباء.
وفي الختام أود أن أنوه أنني لست ضد النصوص المترفة بالمطلق، ولست معها كذلك، وإنما أدعو إلى تقنينها ومنحها المكانة الذي تستحقها والمساحة التي تناسبها، حتى لا نصاب بتخمة فكرية وهمية يوما ما، فنهجر القراءة كما فعل عدد كبير ممن أدمنوها سابقا..
الكتابة عندي تختلف عما عند الاخرين ……………..؟
كنت ابحث عن واجرب الى ان هداني الله لفضاء جميل وقبيح ، صعب وسهل ،كبير وصغير ، وباختصار اسميه فضاء المتناقضات الذي اصبح يسمى ديوان العرب والعجم وافتك الريادة من الشعر،لان الرواية تحتوي الشعر ، والشعر جزء بسيط في كيان الرواية، اما الفرق بين الكاتب وغير الكاتب كالفرق بين الفصيح والبكوش(( البكوش هو الشخص الذي لايسمع ولا يتكلم ولا يعقل))وقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله :وهل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون؟ صدق الله العظيم .
والكتابة عندي كاقراص الاسبيرين تزيل وجع الدماغ،وهناك منسخر قلمه لعالم الطابوهات (( الادب المسكوت عنه))
وهو كمن يرفع معولا لهدم صرح الاخلاق وسيلقى الجزاء يوم الحساب ، فالكتابة الهادفة النافعة للامة والشافية لعلل المجتمعات، وتبقى التغريدات خارج السرب في درج صاحبها لايسال عنها احد كالدعوة الى السفور والفجور والتبرج وحرية المراة وبني عريان و…و…..الكتابة عندي تحترم الاديان والاعراف والاخلاق الفاضلة …و…..
اما الكتاب الذين يرفعون شعار الحرية المطلقة في الابداع فهم يسبحون في بحر من الاوهام وشكرا.
الاديب/بوخاتم حمداني
[Reply]
أشكر سيادتكم على هذا المقال الفكري الجميل ،وعلى هذه الكلمات التوعوية الفكرية الراقية ،وأخيرا أقول وفقكم الله وسدد خطاكم بين ثنايا كتاباتكم….والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحياتي
فتاة لاجئة_قطاع غزة.
[Reply]