نقد وتعليق على قصيدة (بؤس وحلم وصومعة)

بقلم الشاعر زكي السالم
لا شك أننا أمام نص شعري جميل ما زالت سفائنه تمخر عباب البحر (المتدارك) باقتدار وتؤدة، وما زالت أشرعتها ممتدة في أفق البيان الرحب.. فقد استطاع الشاعر بإدراكه اللغوي وبحسه الشعري أن يخرج لنا من قمقمه بأبيات تكاد تلامس ذرا الروعة والرقة، وتمكن من قيادتنا في مسيرة تأييد للقدس والوقوف في وجه هذا المحتل الغاشم.. فقد شرع في بث شكواه -كعادة الأقدمين- لليل وأراد أن يشاركه هذا الظلام الذي يعيشه الليل، فجميل قوله (نافستك بظلامي) وقوله (ليقض مضاجع ديجوري)، وأجمل منه قوله (من فكر يأتيك بعطر) (أمم ما عادت تفديكا إلا بقصائد ترثيكا) وكذلك قوله (فسآتي يومًا بصلاح)..

وعلى كل فالنص جميل وممتلئ بالصور المحلقة.. ولكن لا بأس من إبداء بعض الملاحظات التي أتمنى من شاعرنا أن يتقبلها بصدر رحب والتي أزعم أنها ستثري النص على الأقل من وجهة نظري:

صورة الغراب وكونه رمزًا للبؤس والشؤم جميلة.. ولكن ليتك لم تقرنها بكلمة (روث) فلفظة (روث) إضافة إلى أنها نابية وقلقة فهي لا تناسب الغربان؛ لأن الروث للبقر أو ما شابه ذلك وليس للغراب، ولو قلَّبنا عبارة (من أجل النصرة أو حل) لوجدناها هي الأخرى قلقة، فلو أعاد الشاعر صياغة الشطر بحيث يكون مثلا (من أجل النصرة والحل)، بحيث إنه عرف (الحل) أسوة بالمعطوف عليه (النصرة)..

أيضًا لم أعرف ماذا قصد الشاعر بفعل (تتيمن) هل قصد بها مثلاً تنحو؟ لست أدري، فإن كان هذا قصده فالفعل (تتيمن) قد خذله هذه المرة،، وكذلك أخفق الشاعر في شطره (فطواهم زمني بنعال) فهو لم يوفِق بين النعال والطي.. علاوة على أن النعال كلمة نابية هي الأخرى وغير شعرية، وإن كان اليهود يستحقون ما هو أعظم وأنكا من النعال، ولكن أرى أننا يجب أن نربأ بأنفسنا عن مثل هذه العبارات في جو الشعر..

وكذا قوله (نبش عفتك الرجس) لا أدري إن كان الشاعر يقصد بها المعنى الدارج: “نبش”؛ أي بمعنى فتش أو نبش بمعناها الفصيح كشف وأظهر،، فعمومًا القصدان لا يتفقان والمعنى.. والبيت الذي يليه جميل كما أشرت سابقًا، ولكن الشاعر لم يقرن جواب الشرط بالفاء وعدم إقران جواب الشرط بالفاء خطأ نحوي.. وأيضًا في قوله (عين الأعراب وقد فقئت) اضطره العروض لإقحام الواو قبل (قد) إقحامًا ممجوجًا، وكذلك الفاء في (فتجدي) لم يكن هناك داع لإقحامها فالمعنى مكتمل بدونهما، ولكن معرفة الشاعر وإجادته لعلم العروض جعلته يأتي بهما وإن كانتا قلقتين.. وأيضًا استخدام البتر للأذن لم يكن موفقًا، فالأذن من شأنها القطع وليس البتر، ولفظه (صبارًا) أرجو مراجعتها جيدًا، والوقوف عندها طويلاً،، فهي بحسب ظني غير صحيحة،، وكذلك قوله (معزلتي)، فالصحيح أن نقول (عزلتي)..

أرجو – أخي سامر – ألا تتأثر بهذه الملاحظات فهي على طولها لم تكن لتقض مضجع هذا النص الجميل، وإنما الغرض منها أن تحرسه لتطرد عنه كل منغص.

وأخيرًا أدعو لك بالتوفيق، وأن نرى لك نصوصًا أكثر إبداعًا وتألقًا.. مع تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top