كثيرا ما تطالعنا مواقع الإنترنت عن أنباء بحدوث انتهاكات فكرية، وسطو غير أدبي على نصوص تنسب لغير مبدعيها..ولعل هذه الظاهرة تقتصر إلى حد كبير في عصرنا الحالي على شبكة الإنترنت، بما تضج به من مواقع ثقافية أدبية ومنتديات حوارية..حيث يصعب التكهن بأمر السرقة الأدبية، وأطرافها الحقيقيين، واستنباط الحقائق إذ ليس هناك أي حماية فكرية لأي عمل منشور رقميا..
وربما أنه لهذا السبب يلجأ العديد من المثقفين إلى الصحف والمجلات والدوريات المطبوعة لنشر إبداعاتهم، من أجل ضمان حقوقهم، وملكيتهم الفكرية، مما ينعكس سلبا على المواقع الرقمية، التي تفشل كل محاولاتها في القفز من فوق حواجز وسائل النشر المكتوبة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تحدث السرقات الأدبية؟
بإمكاننا أن نعزي هذه الجريمة إلى خلل نفسي في ذات السارق، والذي عادة ما يشعر بالضمور والانزواء والتهميش، وليس لديه ثقة بما يمكن أن يخطه يراعه على وجه الورق..فيلجأ إن كان ماكرا إلى السطو على أي عمل أدبي يصادفه على شبكة الإنترنت، يتسم بالجودة، ويقوم بالتعديل عليه بطريقة لا تخل بالفكرة و(الإيقاع) -إن كان العمل شعريا- ويعمل عقله بجهد مضنٍ في وهب هذا المسخ الذي لا أم له عنوانا مختلفا، ويذيل النص باسمه..ثم يمطر المواقع ووسائل النشر الرقمية بنسخ منه..وهو بذلك يعتبر نفسه مبدعا..
وقد يجرؤ هذا الماكر أيضا على اقتحام عالم الصحف والدوريات المطبوعة، والتي يستحيل عليها أن تكتشف أمر السرقة..ولكن المصادفات تلعب دورا هاما في كشف السارق، فحظه التعس قد يوقعه بقارئ متذوق محترف، يمكن أن يقرأ الأصل والمسخ معا في فترة متقاربة، ويسلط الضوء على هذه الجريمة..
فعلى الصعيد الشخصي، تعرض عدد من قصائدي المنشورة رقمياً لسطوٍ من قبل بعض القراصنة المرضى على شاكلة من سبق، وفوجئت بها منشورة في أكثر من موقع على الإنترنت بأسماء حقيقية أحيانا وأسماء زائفة أحيانا أخرى، وأذكر أنني هجت ومجت يومها، إلى أن شهد الكثيرون ممن مروا على الأعمال سابقا بانتسابها لي..ولكني لم أكتفِ بهذا بل لجأت إلى وزارة الثقافة والإعلام حيث أقيم..وسجلت كافة أعمالي هناك، عملا بنصيحة أحد الضليعين في مجال النشر والحقوق الفكرية..ولعلني سقت هذه التجربة الشخصية في حديثي هذا لأدلف منها إلى نقطة هامة تتمثل في كيفية الحد من هذه الظاهرة ومقاومتها؟
فعلى غرار المقولة الشهيرة “من أين لك هذا؟!” ينبغي أن نسائل أولئك الأسطوريين الذي ينشرون أعمالا أدبية وفكرية جديدة بشكل يومي في مختلف وسائل النشر، وليس هناك من رقيب على المنتج الأدبي ولا شبهات تثار حول الأديب الأسطوري..حيث ينبغي أن يكون دور المثقفين هو خط الدفاع الأول للحد من تنامي هذه الظاهرة وتفشيها، والتصدي بأقلامهم لمثل أولئك المرضى لفضحهم علانية حتى يكونوا عبرة لسواهم..
كما أن طريقة النشر رقميا يجب ان تكون مسبوقة بنشر مطبوع أو على الأقل أن يقوم صاحبها بستجيل أعماله الذي ينوي نشره في قسم الملكية الفكرية التابع لوزارة الثقافة حيث يقطن ، وليعلن عن هذا الأمر في ذيل عمله الإبداعي.
ولكن تبدو عملية مكافحة هذه الجريمة وكشفها أمرا عسيرا للغاية في ظل عولمة الكلمة، وتلاشي الحدود واتساع رقعة المنشور، وعدم وجود مؤسسات ذات طابع جدي تتبنى المبدعين ونتاجهم الفكري، مما يحدو بنا إلى الحرص كل الحرص على إنتاجاتنا أيا كانت، والذود عنها ضد المارقين، فما حك جلدك مثل ظفرك..
شكرا للمقال الرائع الذي يجسد واقع مؤلم
ولكن هناك جهة تضع حد للسرقات وتضع ختمها على المواقع كحقوق محفوظة
http://Www.icpli.org.uk
[Reply]